أعزائي الخرّيجين، وزملاء المستقبل،
يُسعِدُني اليوم أَن أَكونَ بَينَكُم في هذا الحفل المُصَغَّر لتَخَرُّجِكُم، لأُشارِكَكُم وأهلَكُم فُرصَة نِهَايةِ البِداية في هذهِ الرِسالةِ المِهَنيَةِ التي اخْتَرتُمُوها. لا داعي أَن أُحَدِّثَكُم عَن مَشَقَّتِهَا، فَأَنتُم أَدْرى بِما يَنتَظِرُكُم.
إنَّ رِسَالَتَنَا كَأَطِباء، هي أَسْمَى مما يَعرِفُها الكَثِير.
إنَّها رسالةُ شِفاء، وعَزَاء، وعِلْم، ومَعْرِفة.
إنَّها رِسالةُ خِدمَةِ للإِنْسَانِ والإِنْسَانِية.
إنَّها رسالةٌ تَتَخَطّى حَواجِزَ السِياسةِ، والعِرْقِية، والدِين.
إنَّ شَهَادَةَ الطبِّ هذِهِ التي تَحْمِلُون، قَدْ شَقِيتُم، وجَاهَدتُم، وعانَيْتُم لتَحْظَوا بِشَرفِ مُمارَسة هذِهِ المِهنَة الرِسالة. لِذا فَأَنا أَطلُبُ مِنكُم أَن تَحفَظُوها وتُحَافِظُوا عَلَيْها شَريفَة كَما اودِعْتُم إِيَّاها.
إنَّ العِلمَ والمَعرفَة هُما خَيرُ ما يَتَيَسَّر بِهِ الإِنسان العَالِم، وكِلاهَا يَجِب أن يَقتَرِن بِحُسنِ الأخلاقِ، وصفاءِ الضَمِير، والحسِّ الإِنساني.
فَالعلم مِن دون الأخلاقِ الكَريمة، والمَبادِئ الإنسانيةِ، يكونُ كسيارةٍ فائقةِ السرعة ولَكِن من دون فرامل وتَأخُذكم في أقربِ طريقٍ إلى الهلاك.
أمّا من حسناتِ هذهِ المهنةِ الرسالة التي اختَرتُموها، أنَّها في كلِ يومٍ تُذكِّرُكُم بهشاشةِ الإنسان، وكثرةِ آلامِه، وصعوبةِ حياتِه، ومدى الحاجةِ إلى الإيمانِ بالله وقِيَمِهِ. فهذِه القيَم هي الباقِية أمّا الإنسان فهوَ الذائِل الفاني. من هُنا أَعودُ لأشدِّد على أن تحفَظوا أخلاقَكُم مُلكاً لكُم. فلا تَنتَقِصوا منها إذا ما غرَّكُم مال، أو جاه، أو منصب، وتذكَّروا دائماً أنَّكُم أنتُم مَن يُعطي قيمةً لما تَعَلَّمتُم ولما كَسبتم من معرفة، واستحصَلتُم على شهادات.
وقبلَ أن أختُم أودُ أن أتوجَه إلى أهلِكم، أهل المُتَخرِجين الكِرام، لأُهنئكُم بما وصَلتُم أنتُم إليه. مع العلم أنَّ ما وصلتُم إِليه كانَ بفعلِ وفضلِ جهودِهِم وتَعَبِهم وشقائِهم. لذا أقولُ للخريجّين أَنْ يتَذَكَّروا دوماً أنَّ الأهل هُم خَميرة كل شيءٍ صالحِ في حياتِهم. هُم الأقواس التي تَلتوي لتنطَلِقوا منها أنتُم كالرماحِ نحوَ حياةٍ أفضل كما قالَ جبران خليل جبران. فبادِلوهم الوفاء والمحبة والتقدير.
هنيئاً لكُم تخرّجكم، وإلى مزيدٍ من التأَلُق والنجاح. ​​