كلمة الدكتور الياس وراق رئيس جامعة البلمند في الحفل الختامي لبرنامج التنمية المحلية في شمال لبنان UDP-NL

18 تشرين الثاني 2021

"تحسين سبل العيش في سلاسل الإنتاج الزراعية في شمال لبنان سلاسل إنتاج الحليب والتفاح والزيتون "

قائمقام الكورة السّيدة كاثرين كفوري أنجول،
السادة رؤساء البلديات وممثيلهم،
السيد بِيورن زمبريتش والسَّادة من الوكالة الألمانية للتنمية GIZ،
الزُملاء في جَامعة البَلمند،
أيُها الحَفل الكَريم،

يُسْعِدُني اليوم مشاركتُكُم في الحفل الختامي للمشروع المشترك بين الوكالة الألمانية للتنمية GIZ وجامعة البلمند الذي يهدفُ إلى تحسين وضعِ المزارعين وتمكينِهِم ليواصلوا العملَ الزراعي بالرغمِ من التحدياتِ الجمّةِ التي يواجهُهَا هذا القطاع. ويتوجهُ هذا المشروع بشكلٍ خاص إلى العنصرِ الشبابي والنسائي اللَّذينِ يُعَوَّل عليهِما لبناءِ مستقبلٍ واعدٍ عبرَ الإستثمارِ بطرقِ الزراعةِ الحديثةِ التي تتماشى مع مُتطلِّباتِ السوقِ المحليّ والعالمي.

ويندرِجُ هذا التعاون في إطارِ الخدمةِ المجتمعية، التي هي في صلبِ رسالةِ جامعةِ البلمند، حيثُ بادرَت الجامعة، منذُ بدايةِ الأزمات المتلاحقة، إلى تسخيرِ كلِّ طاقاتِها لدعمِ المجتمعِ المحيطِ بها بكافةِ الوسائلِ المتاحة. فَعلى سبيلِ المثال، قامت الجامعةُ، ضمن خطّة عمل لمواجهة جائحة كورونا، بتقديمِ فحوصات PCR مجانية للمواطنين، بالتعاون مع البلديات في مختلف المناطق اللبنانية. ومنْ ثمَّ أنشَأَت مركز التلقيح ضدَّ Covid-19 والذي أضحى من أهم المراكز في لبنان حيثُ فاقَ عدد المُلَقَحين فيه الـثلاثون ألف شخص.

فجامعة البلمند كانت ولا تزال مثالاً حيّاً على أهميّة الإنماء المتوازن الذي يركّزُ على تشجيعِ المشاريعِ الإنمائية في كافة أرجاءِ الوطن. فإنَّ قناعَتَنا أنَّ مسيرةَ الأوطان تُصَحَّحُ في زمنِ الأَزَمات. لذلِكَ جِئْنا نؤكِد على ضرورةِ استنهاضِ وتطويرِ كافة القطاعاتِ ولاسيما الزراعيةِ منها من أجلِ بناءِ إقتصادٍ سليمٍ منتج، الأمر الذي فَشِلَت في تحقيقِهِ الطبقةِ السياسية التي تعاقَبَت على السلطةِ منذُ نهايةِ الحربِ الأهلية. فإذا بها تُعنى بالهدرِ بدلَ الترشيد، وبالدمارِ بدلَ الإعمار، وبتهجيرِ أبنائنا بدلَ إيجاد ما يبقيهِم في وطنِهم ولأهلِهِم.

هذا وقد أظهَرَت الأزمةُ الماليةُ التي نَشْهَدُها اليوم أهمية القطاعِ الزراعي في تعزيزِ الأمنِ الغذائي والذي يُعَدُّ من أهم ركائزِ وجودِ المجتمعِ والدولة. إنَّنا في جامعةِ البلمند نؤمِنُ بدورِ هذا القطاعِ الحيوي في إعادةِ بناءِ الوطنِ الذي أنهَكَتْهُ الحروبُ المتعاقبة، وسوء الإدارة، والفساد المتفشّي. لذلكَ تستثمرُ الجامعةُ في التطويرِ الزراعي إنْ على المستوى الأكاديمي أو مِنْ خلالِ الدعمِ المباشر لسلسلةِ الإنتاجِ عبرَ التدريبِ والدعمِ العَيْنيّ. فالجامعة بصددِ استحداثِ وتحديث برنامجِ الهندسةِ الزراعية الذكية وغيرِها من البرامجِ التي تُشَددُ على الدورِ الأساسي للقطاعِ الزراعي.

وفي هذا الإطار، لا يَسَعُني سوى أنْ أتقدَّمَ بالشكرِ الجزيل للشريكِ الأساسي في هذا المشروع وهو الوكالة الألمانية للتنمية GIZ، ضمنَ إطارِ برنامجِها للتنمية المحلية في شمالِ لبنان في الوقت الذي امتدَّ الحرمانُ ليشمُلَ الوطنَ أجمَع. وإنَّنا إذ نفخرُ بالثقةِ التي أولَتْها وكالةُ GIZ لجامعةِ البلمند فإنَّنا نعوِّلُ على الدورِ الكبيرِ الذي تلعَبُهُ في تطويرِ ودعمِ المجتمعِ المدني وتأهيلِهِ ليواجِهَ المصاعبَ ويَبْني وطناً على أُسُسٍ سليمةٍ وصلبة، وطناً خَذَلَهُ حُكامُهُ، فاقتاتوا من جوعِ أبنائِهِ، واغتنوا من شقائِهِم وجنى عُمرِهِم.

كما نتوجّهُ بالشكرِ لكلِّ مَنْ ساهَمَ بإنجاحِ هذا المشروع لاسيما المزارعينَ الذينَ أبْدَوا التزاماً وتعاوناً كبيرينِ بالرغمِ مِن المعوقاتِ الكثيرةِ، وقَرَّروا عدمَ الإستسلامِ واستثمَروا في جُهدِهِم ووقتِهِم لخدمةِ أرضهِم ومجتَمَعَهِم وأبنائِهِم.

إنَّنا اليوم جِئْنا لنؤكدَ على بقائِنا في وطنِنا، ومسانَدَتِنا لشَعْبِنا المقهورِ، لنُثَبِّتَ عزيمَتَهُ في البقاءِ والصمود.

نَعَم نحنُ لنْ نسْتَسْلِم.
ونَعَم نحنُ لنْ نتراجَع.
ونَعَم نحنُ باقون معكُم طالَما بَقِيَ وطنُ الأرزِ، وسَيَبقَى.

إنَّنا نَعِدُكُم بأنَّ جامعة البلمند ستَبَقى مِنبَراً لقولِ الحق وفِعْلِه. وسوفَ لَنْ نَأْلوا جُهْداً في ابتكارِ المشاريعِ واستنباطِ الأفكار لنساعِدَ شعبَنا أنْ يكونَ خَلَّاقاً مُبدِعاً في وطنِهِ ولوطَنِه، بدلَ أنْ يُهَجَّر ويهاجِرَ، فيشتري العالم شبابنا بأبخسِ الأثمان.

عُشْتُم، عاشَت الأيادي البيضاء الخيِّرة، عاشَت جامعة البلمند منارةَ العلم والمعرفة، وعاشَ لبنان خالداً بأرزِهِ، صامداً بشعبِهِ، مُتَأَلِقَاً بجامِعاتِه. ​
​​


​​​​​