صاحب الغبطة البطريرك يوحنا العاشر الكلي الطوبى والجزيل الإحترام،
فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلاً بمعالي وزير الدفاع الأستاذ يعقوب الصراف،
دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ممثلاً بمعالي وزير المال الأستاذ علي حسن الخليل،
دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري ممثلاً بسعادة النائب سامي فتفت،
معالي الوزراء،
سعادة النواب ورجال الدولة،
سيادة المطارنة،
الآباء الأجلاء،
الزملاء الأطباء،
أعزائي أعضاء الهيئة التعليمية والإدارية في العائلة البلمندية،
يشرفني اليوم أن أقف في حضرتكم للمشاركة في هذه المناسبة المميزة لاستلامي رئاسة جامعة البلمند. إنه لشرفٌ عظيم، ومسؤولية أعظم، إنه لحق يجب أن أحفظه وواجبٌ يجب أن أؤديه بكل أمانة. إنّه إرثٌ من أسلافٍ عمالقة، فمن معالي الدكتور جورج طعمة، إلى معالي الأستاذ غسان تويني، إلى معالي الدكتورايلي سالم الذي كنت أتمنى لو إستطاع الحضور، إلا أنه ولأسبابٍ عائلية لم يتمكن من مشاركتنا هذه المناسبة، ولكنه وكما أرسل لي، هو حاضرٌ معنا دوماً قلباً وعقلاً.
إنَّ جامعة البلمند في عمرها الثلاثين اليوم، قد شهدت سنين حرب ودمار، وبقيت شامخة شموخ هذا الجبل الأبيّ (التلة الأبيّة) التي بنيت من صخوره(ا).
فلقد تمكّنت أن تصمد وتتأقلم في زمن الحرب، وتتألق في زمن السلام.
ها نحن اليوم نقف في حضرة صرحٍ أكاديمي أُنشئَ ليبقى ويزدهر ويلعب دوراً رائداً، حضارياً، وثقافياً متألقاً في مشرقٍ عانى ويعاني من شتّى أنواع الأزمات: طائفية ومذهبية واقتصادية وسياسية.
من هنا أريد أن أؤكد أنّ دور الجامعات يتبلور ويصبح محورياً في زمن الأزمات، زمن جهلة دعاة علمٍ، والعلم منهم براء، وزمن دعاة علمٍ(غيارى على) بالدين، والدين منهم براء، وزمن دعاة الوطنية والدفاع عن الأوطان، والوطنُ منهم براء.
في هذه الأيام الصعبة، والحقبة المأزومة، يبرز دور الجامعات، ليس فقط كصرحٍ أكاديميٍ النشر العلم وإنما كمنبرٍ يتوجه إلى أخلاق الطلاب ليحفظها من الفساد، يتوجه إلى قلوبهم ليبقي دفء الإيمان الحق بداخلها، ويتوجه إلى عقولهم اليافعة لتبقى براقة بعيدة عن فساد الجهل والتعصب.
من هذا المنطلق، أعود فأشدد أن دور الجامعات يجب أن يتخطى المناطقية، والطائفية، والمذهبية، والمصالح الضيقة، لينطلق في مسعاً واضحاً لخلق إنسانٍ صالح في وطنٍ صالح. فالمجتمعات تُبنى بالعلم، والأخلاق، والثقافة، ومخافة الله.
لذا فإن جامعة البلمند هي بمثابة هبة من الله، وهبة الله هي ليست حكراً لطائفة، ولا مذهب، ولا تحُدّها جغرافيا ولا يحصرها تاريخ. لذا فإني أعتبر أنّ جامعة البلمند، في كورة العلم، كورة الثقافة والإبداع، كورة المتعلمين والمتألقين، هي ليست جامعة للكورة فحسب، إنما نريدها هدية من الكورة إلى كل لبنان، وكل المشرق العربي.
فكما ذكرت أن هذه الجامعة التي هي هبة من الله عز وجل، ليست ولن تكون إلا لجميع أبناءه.
لذا فإن هدفنا الأساسي في جامعة البلمند، كما يجب أن يكون في كافة الجامعات، هو رفع شأن الجامعة الأكاديمي أولاً لكي ترقى إلى مصافِ الجامعات العالمية من حيث البحث العلمي والتفوق التقني. وانطلاقاً من هذا الهدف، يمكن أن تقدم لأبنائها مستوى راقٍ من العلم يفتح أمامهم آفاقاً تساعد في خلق مستقبل لهم يرقى إلى مستوى أحلامهم وطموحاتهم في بلد يَقتلُ طموح مواطنيه ألف مرة في اليوم، وتُدفن أحلام شبابه في غياب دولةٍ ترعى أبناءها وتحرص على مستقبلهم. إننا نصبو أن نُخرّج أجيال علم ومعرفة تُفتح لهم مجالات العمل لا أن نخرّج أجيالاً، أصحاب كفاءة ولكن عاطلين عن العمل. فإحدى أهم واجبات الجامعات هي خلق فرص عمل لطلابها في لبنان أو في خارجه، وذلك عبر إنشاء (عقد) اتفاقيات مع مؤسسات وشركات لبنانية، وإقليمية، وعالمية.
إنَّ جامعة البلمند، كانت ولا تزال، تنأى بنفسها عن الفساد مهما كان طاغياً في المجتمع، لتنشئ أبنائها على ما لا يجب أن يفعلوه، وتنأى بنفسها عن التقوقع والطائفية، لتُربّي أجيالاً تؤمن وتدعو إلى الحوار البنّاء والعمل الخلّاق ليجعلوا وطنهم لبنان بلد التعدد الإيجابي، تعدد الأديان والحضارات، فينتجوا مجتمعاً متماسكاً، بعيداً عن التناحرات التي نشهدها حالياً، وعن المصالح الفردية القاتلة للوطن، ويكونوا قدوةَ في مناقبيتهم وأخلاقهم، مما يجعل بعض القييمين في بلدهم يخجلون مما يفعلون. إنَّ الجامعات يجب أن تكون صمام الأمان للمجتمع والوطن.
أخيراً آمل من الزملاء الأساتذة والطلاب الأعزاء، أن يتحملوا مسؤوليتهم بكل ضميرٍ يقظ وعقلٍ راجح، لكي يكونوا الحجر الأساس لبناء جامعة أفضل في مجتمعٍ أفضل.
عشتم، عاشت جامعة البلمند، وعاش لبنان.