كلمة الدكتور الياس وراق رئيس جامعة البلمند في حفل توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة البلمند ومستشفى معهد الشرق الأوسط الجامعي الصحّي

28 نيسان 2022

معالي وزير الصحة الدكتور فراس الأبيض،
حضرة مدير مستشفى مركز الشرق الاوسط الصحي الجامعي الدكتور وليد سلمون،
الحضور الكريم،

يَسرُّني اليوم أن نَجتِمع في هَذا الصَرح الاسِتشفائي المُميز لِنُعلن ونُؤكِّد مَرَّة أُخرى أَنَّ لُبنان، مَهما اشتَّدت أَزمَاتِه وتَعاظَمت مَآسِيه، كَان وَسيبقى مَنارةَ الشرقِ في العِلم والمَعرفة، ومَرجَعهُ في الطَبابة والإستِشفاء.

بِالرغم من ظُروفِنا القَاهِرة التي دَفعت بالكَثير مِن شَعبنا وشَبابنا إلى الهِجرة والاغتِراب، إلّا أننا لا نَزال نُؤمِن بأنَّ وُجود هَذا الوَطن هُو مِن وُجودِنا، وإن كُنا ِقلّةً باقون، َفهذه القِلّةُ القَليلةُ كافيةٌ لِتنهَض بِلبنان وتَحفَظهُ لأجيالٍ قادِمة.

نَعم إنَّ ما نُعانيه لا يُحتَمل،
ونَعم إِنَّ أزماتِنا كَثيرة،
ونَعم إنَّ أسبابَ البقاءِ قَليلة،

ولَكِن يَجب أَن نُؤكِّد لِأنفُسِنا ولِلعالم، مَرَّةً بَعد مرَّة، إِن الأَوطان السَرمدية هي التي تُولد ِمن رَحِم الأَحزان.

إنَّ القِطاعات الرَئيسية التي تُشكِّل كُنه لُبنان وكَينونَته، تُستهدَف بِطريقةٍ مُمنَهجة، ويتمّ الالتِفاف عَليها لِتقويضها، وَلا سيّما القِطاع الاستِشفائي.

مِن هنا ضَرورة أَن نُواجه هَذا الكَمّ مِن الصُعوبات بِعقلٍ مُنفتِح، وروحٍ مُؤمَّنة، وأملٍ لا مُتناهي. وهَذا ما يُحتِّم على أطِبائِنا أن يَلتزموا بنهجِ الصُمود في وَطنِهم وإن كانت أزَماتِنا الإقتِصادية فَائقة، ولَكن صُمودِهم هو وَاجِب وَطني، وأَخلاقيّ وإِنسانيّ، لا تُوازيه أمَوالُ العَالم، ولا تُضاهِيه مَناصبٌ أو مَكاسِب.

فأنا أَفهم وأُقدِّر أنَّ مُعظمنا قد سُرِقَت أَموالُه، ونُهِب جَنى عُمرِه، مِن قِبل عِصابةٍ رَأت أنَّ الوَطنُ غالٍ فَباعته، وأنَّ الشعب مغلوبٌ على أمره فاستغلته، فلا ضَمير يُؤنِّب، ولا أَخلاق تَمنع، ولا إِيمان يَردع. ولَكن أَعودُ لِأقول مَن مِنا كان لِيصمُدَ في لُبنان عَليه أن يُآثر البَقاء، ومن كَان أَقلَّ حَظاً فَهاجَر أو هُجِّر، فَعليه أن يُبقي شُعلةَ الوطنِ يَقِظةً في قَلبِه، تَحثُّه عَلى العَودة مَتى اقتَدَر.

هذا قَدرُنا، قَدرُ شَعبٍ يَعشقُ بَلداً هو مُكرهٌ على هَجرِه، وهذا قَدرُ وطنٍ يُعاني مِن شِحٍّ في وَطنيّةِ مَسؤوليِه.

أخيراً أودُ أن أؤكِّد أنَّ وُجودَنا اليَوم إنَّما هُو خَيرُ دَليلٍ أننا لَن نَتراجَع عَن إِصرِارنا في إِبقاء لُبنان مُستشفى الشرَق وطَبِيبه. ولا بُّد ِلي أَن أَشكُر كُلَّ مَن سَاهَم في إِبرام هذا الاتِفاق الذي نَحتفِل به اليَوم والذي يَرسُم خَريطةَ طَريقٍ لِتنشِئِة أَجيالٍ تُساهِم في حِفظِ الوَطن وَشَعبِه.

عُشتم. عَاشَ لُبنان.
عاش لبنان. ​


​​​​​