ندوة في كلية عصام فارس للتكنولوجيا - بينو

29 ايار 2019

​معالي وزير البيئة الأستاذ فادي جريصاتي 
حضرة الزملاء الكرام
أيها الحفل الكريم 


يسرني اليوم أن أكون في مسقط رأسي، في عكار الحبيبة. عكار التي ما بَخِلت برجالها، وشبابها، لحماية هذا الوطن الحبيب.

عَكار كما كُنت أَعرِفها في زمن ليس بالبعيد، حين كنت أقصد قريتي شربيلا، كانت عَكار السَهل الأَخَضر، والسَماء الصَافية، والنَسيم الشَافي.

ولكن، وكَما في كُل بُقعة من وَطنِنا الحَبيب، بَاتَ السَهل مُسمماً ومُسمِماً، والسَماء مُلوَّنة بِصَفار الغُبار والدُخان المُلوَّث، والنَسيم لَم يَعُد عَليلاً بل سَبباً لِمِئَة عِلّة وعُلّة. من هِبات الله على لبنان كانت طَبيعتَه الخَلَّابة – فَلَم يَبقَى مِن هَذه الطَبيعة مَا يُذكَر مِن غَابات الصَنَوبر والزَيتُون التي استُبدِلت بالإِسمنتِ والمَقالِع. وَمِياهُنا أَصبَحت تُلوِّث الحَجر والبَشر. في دُول العَالم المُتحضِّر، تَلجأ الحُكومات إلى أَلف وَسيلة لِحماية ثَرَواتِها الطَبِيعية، مِن قعر البحر إلى أعماق البر، أمَّا هُنا فتَحوَّلت شَواطِئُنا إلى عُصارة نِفايات، تُلوِّث البَحر وما فِيه. 

إنَّ كلّ ما نرتكبه بحقّ طبيعتنا، من تلوّث، وتصحير، وتهشيم، ارتدَّ وسيرتدُّ علينا، أوبئةً، وأمراضاً، وويلات. فإِحترام الطَبيعة هو واجبٌ كاِحترام الأَهل، فَمن عَصا أَهلَه، أَنهكته لَعنةُ الله، ومَن انتَهكَ حُرمةَ الطَبيعة أَهلَكتهُ لَعنتَها.

إنَّ دُول العَالم المُتحضِّر باتت تَستفيد مِن نِفاياتِها لإِنتاج الطَاقة النَظيفة (Clean Energy)، ومِن مِياهها المُلوّثة لتجعلَها آمِنة لاستعمال مُواطِنِيها، ومِن شَمسِها وهَوائِها مَصدراً للكهرَباء، ومِن جَمال طَبيعتها ثَروةً للسِياحَة.

أَلم يَحِن الوَقت أَن نَتعلَّم مِن أَخطائِنا، ونُحافِظ على ثَرَوات طَبيعتِنَا؟ أَلم يَحِن الوَقت أن نَجعل من وَطنِنا بَلَد الفَضِيلة لا بَلَد الفَضَلات.    

إنَّ جَامعة البَلمند تُؤمن أنَّ مِن أَهمّ وَاجِباتِها تَسليط الضَوء على الكَوارث البِيئية الجَمّة التي يُعاني مِنها الوَطن، حَجراً وبَشراً. مِن هٌنا، اِرتَأينا أَن نُباشِر بِدراسة وتَنفيذ مَشروع يَقوم بِتَحويل النِفايات إِلى مَصدر طَاقة، ِمن خِلال أَحدث الطُرق العِلمية التي تُستخدم في العالم المُتقدِّم، أَلا وَهي طَريقة الـPlasma Gasification. كَما أَننا نَسعى إلى نَشر ثَقافة الوَعي البِيئي لِحثّ الأَجيال الصَاعدة على تَصحيح ما ارتُكِب مِن أهَوال ومَجازِر بِيئية بِحقّ ثَرواتِنا الطَبيعية في لُبنان. 

في الخِتام، آمل أن يَكون نَجاح هَذا المُؤتمر بِدايةً لِسلسةِ مُؤتمرات لِلحضِّ على الحِفاظ عَلى البِيئة وخَلق ثَقافة الوَعي البِيئي عِند شَبابنا وأَجيالنا القَادمة.

عُشتم، عَاشت جامعة البلمند، وبَقي لُبنان أَخضَراً أزَلياً.





​​​​​