كلمة الدكتور الياس وراق رئيس جامعة البلمند في حفل العشاء السنوي لجامعة البلمند في حرم سوق الغرب

27 أيلول 2019

​ضيوفنا الأعزاء،

أيها الحفل الكريم،

يُسعِدُني اليوم أن أكونَ بينَكم في جامعتِكُم هذه، جامعةِ البلمند، جامعةً لرموزٍ أبيّة في منطقة أبيّة، شامخة كأرزِ الباروك، نضرة كصفاء سماءها، مميّزة بفسيفساء مُجتَمعِهَا. 

يُسعِدُني أن أتوجَه إليكُم في هذا الحفل، الذي قَصَدنا أن يكون يوماً جامعاً لكل من ساهَمَ، وشارَكَ، واجتَهدَ لإعلاءِ شأنِ جامعة البلمند في منطقة سوق الغرب العزيزة على قلوبنا جميعاً. إنَّ وجودكم اليوم إنَّما هو الدليل الحق، والشاهِد الحيّ، على أنَّ حروب الجهلِ التي عصَفَتَ بهذا الجبلَ الأعز إنَّما ذهَبَت من دون رجعة، وكانَت درساً تَعَلَّمَهُ الجميع، رُغمَ مرارتِه، فَتمَخضَت من بؤسِ أحداثِ ثقافةُ العيشِ المشتَرَك، والمصيرِ الواحِد، والإيمانِ الحقيقي بإلهٍ واحد، وقناعة راسخة بأن ما يَجمَعُنا هو إرثٌ مباركٌ من السماء، وما يُفَرّقُنا هو سرابٌ من صنعِ الشيطان. 

من هُنا كانَت قَناعَة جامعة البلمند بأنَّ دورها كصَرحٍ أكاديمي، يتمحورُ على خلقِ الإِلفة بين الناس، وزرعِ بذورِ العلمِ والمعرفة، وترسيخِ إيمانِ شبابِنا بوطنٍ واحد أحد، وُجِدَ ليكونَ للجميع، والجميعُ مسؤولٌ عن كينونَتِه وازدهارِه وكبريائِه.

إنَّ هذهِ الجامعة لا تُعنى فقط بتخريج الطلاب ومنحهم الشهادات الأكاديمية، إنَّما هَدَفُها يَبقى أن تخلقَ الإنسانَ الصالح في شبابِنا المتعلم، فالعلمُ من دون الخُلُقِ الحسَنْ كالحصانِ الأبجرِ الموتور، يكونُ خطراً على نفسِهِ وعلى فارسِهِ.

إنَّ هدفَنا في جامعةِ البلمند، أن ننشُر روحَ الثقافةِ والعلم، كما نُؤَكِدُ  دوماً وأبداً على أهمية الحفاظِ على عاداتِ وتقاليدِ أهلِنا أينما كانوا، فحضارتُنا، وإرثُنا، وتاريخُنا، إنما وجدوا ليبقوا ومن واجبِنا أن نحافظَ عليهم كما هم. فمهما اجتاحت العولمة عقولَ أولادِنا، ومهما تَغَلغَلَت المفاهيمُ الغريبة عن مُجتَمَعِنا، يجب أن تبقى مناعَةُ شَبَابِنا كافيةً للحِفاظِ على ما ترعرعوا عليه، من مكارِمِ القيم والأخلاق، ومناقبية وشهامة من ربَّاهُم. 

فأنا أَعِدُكم أن نُحَافِظ على إرثِ هذا الجَبَل الأشم وتراثِه، فَفِيه مِن الكرامةِ والآباء ما يَكفِي لجَعلِنا شعباً عَزيزاً مُكّرَماً في أرضٍ نبيلةٍ مُقَدَسَة.

كما أَعِدُكُم أن لا نألوا جهداً أن نَفتَحَ آفاق العلم والمعرفة، ونَبذُلَ ما استَطَعنَا في استجلابِ الاختصاصاتِ كافةً، لخلقِ مجالات عمل لتأمين مستقبل شبابِنا في بلدٍ نامَت ضمائرُ مُعظَمُ مسؤوليه عن واجباتِهِم تجاهَ أبنائِهِم.

أخيراً أشكُر حضورَكُم الكريم ومشاركَتَكُم في هذا الحفل الأَخَوي الجامِع لنَبْقَى يداً واحدة لإعلاءِ شأنِ العِلم في بَلَدِنا، وإرساءِ أُسُسِ الثَقَافَةِ عندَ شبابِنَا. ولا يَسَعُنِي إلا أَن أخُصَ بالشكر الأخوة المتبرعين الأَجلاء الذينَ سَاهَموا ولا يزالوا يُساهمون في الدعمِ المادِي لجامِعَتِنا الحَبيبة.

عِشتُم، عَاشَت البلمند في هذا الجبل الأبّي، عاشَ لبنان.




​​​​​