كلمة الرئيس
الدكتور الياس وراق
في
حفل التخرج
12 تموز 2025
جامعة البلمند
صَاحِب الغِبطة البَطريرك يوحنا العاشر الكُلِّي الطُوبى والجَزيل الاحترام،
معالي وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسا ممثِّلاً فخامة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ممثِّلاً دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ممثِّلاً دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام،
معالي الأستاذ Miguel Angel Moratinos Cuyaubé خطيب الإحتفال our keynote speaker ،
معالي نائب وزير الخارجية اليوناني الأستاذ I oannis Loverdos ضيف الإحتفال our guest speaker ،
معالي وزيرة التربية الدكتورة ريما كرامي،
معالي وزير الثقافة الدكتور غسان سلامة،
أصحابَ المَعالي والسَّعادة و السِّيادة،
ممثّلي قادة الأجهزة الأمنية،
Your Excellencies and dear friends,
I will speak in Arabic as I always do on this yearly occasion. For your convenience, the English translation will be projected on the screens.
كما في كلِّ سنةٍ أترَقَّبُ هذا اللقاء في نَفسِ الزَمانِ والمَكانِ في رِحابِ هذهِ الجامعةِ العزيزةِ على قُلوبِنا جَميعاً.
في كلِّ سنةٍ أَقِفُ مِنْ على هذا المِنبَرِ لأُشارِكَ خريجِينا كلمةَ وَداعٍ وكَلِمةَ دُعاءٍ.
وَداعٍ لأبناءٍ أعِزّاء، أحِبَّاء،
وَداعٍ على أملِ اللقاءِ، لقاءٍ في وطنٍ قد تهَجروهُ قَسراً ولكنْ يبقَى في قلوبِكم ووجدانِكُم.
ودعاءٍ بالتوفيق والنجاح والحياة الهنيئة.
دُعاءٍ أن تبقى أجسادُكُم سليمةٌ معافيَة، وأنْ تَحفَظوا أرواحَكم بريئةً مِنْ كلِّ إثمٍ وخَطِيئة.
في كُلِّ سنةٍ أكتبُ كلماتي متمَنِياً أن يكونَ زمنُ الأزماتِ قد انتهى، ووَيلاتِ الحربِ قد وَلَّت، وفرحُ السَّلامِ قد عمَّ العالم.
ولَكِن أعودُ لأَرَى أنَّ الأزماتَ لم تَنتَهي، والحروبُ تتجَدَدُ، وطيفُ السلامِ يَبقَى سَراباً.
في كلِّ سنةٍ أتَوَجَهُ إلَيكُم بكلماتٍ آمَلُ أن تُساهِمَ في تلطيفِ مرارةِ الأيامِ التي عِشتُم وتَعيشون، وأن أُحاولَ أنْ أستَيقِظَ الأملَ المكبوتَ في أحلامِكُم.
إنَّ ما نعيشُهُ في هذا الزمن هو سِلسِلَةٌ منَ الكوابيسِ المرعِبَةِ، وأبشَعُ ما فيها أنَّها كوابيسُ اليقظَة.
إنَّ عالمَنا اليوم لا يشبِهُ سِواه.
فَهُو عالَمُ الظُلمِ والإستِبداد.
عالَمُ القَهرِ والمرارة.
عالَمُ الحُروبِ العَبثيَّة.
عالَمُ جنونِ العَظَمةِ لِطُغاةٍ مجانين، إِلهُهُم المال ودينُهُم السُلطة.
إنَّنا نَحيا اليَوم في عالمٍ نَتعلَّمُ منهُ كيفَ يَجِب أنْ لا نكون، وَما لا يَجِبُ أن نَفعَل.
فما عَسَانا أن نتعلَّمَ من ما نرى.
نتعلَّم أنَّ الإنسانَ مهما عَظُمَ شأنُهُ فهوَ منَ الترابِ وإلى الترابِ يعود.
نَتعَلَّم أنَّ طواغيتَ العالَمِ يُجَسِّدونَ صورةَ الشَرِّ حينَ يَفقِدُ الإنسانُ إنسانيتَهُ، ويَتَلاشى إيمانُهُ. نتعلَّم أنَّ ربَّ العالَمينَ واحدٌ أحد، هو أبانا الذي في السموات وهو الذي لا شريكَ لهُ. نتَعَلَّم كيفَ أنَّ الأديانَ التي وجِدَت لِتحفَظَ للإنسانِ إنسانيتَهُ، وتنشُرَ المحبةَ في القلوبِ، وتبعَثَ السِّلمَ والسَّلامَ قَدْ تحوَّلَت بِأَيدي شياطينِ البشرِ سَبيلاً للفُرقَة والتفْرِقَة، وسبباً للإقتِتَال والفِتنَ.
إنَّ الأَديانَ وُجِدَت لِتَجمعَ الناسَ في محَبَةِ الخالقِ، كَما قالَ أَحَدُ الشُعَراء:
"الدينُ لِلدَيّانِ جَلَّ جَلالُهُ لَو شاءَ رَبُّكَ وَحَّدَ الأديانَ"
نعم إنَّ مآسِي هذا العالَمِ يَجِبُ أن تزرَعَ فِينا بذورَ الخيرِ حينَ نَرَى ما يَفعَلُ الشَّرُ بِبَني البَشر.
تَعَلَّموا أن تكونوا دُعاةَ الحُرِّيةِ والمساواةِ والعدالةِ.
تَعلَّمُوا أنَّ الوطنَ كالكَرامةِ، إن فُقِدَ مرَّةً فُقِدَ أبَدَا. والإنسانُ بلا وطن كالروحِ من دونِ جسد – لا يَرَى ولا يُرَى – يبقى هائماً يبحَثُ دوماً وأبداً عن ضائعٍ لا يعرِفُه، كفاقدٍ لذاكِرَته في حَضرَةِ أحبائِه.
إنتَشِرُوا في الأرضِ وفي قلوبِكُم محبَّةِ وطَنِكُم.
كونوا مرآةً لحقيقةِ لُبنانِكُم.
لبنان الذي يُسرَقُ منّا في كلِّ مرّةٍ لنعودَ ونستَعِيدُه في كلِّ مرَّةٍ من أيدي سارِقِيه.
كونوا رُسُلَ لُبنان المحبّة والحضارة،
لبنان العِلم والإيمَان،
كونوا أبناءَ بيروت ألأبيّة،
بيروت أمِّ الشَرائِع، التي دُفِنَت وأَبَت أن تموت، تعلَّموا من صُمودِها،
فهي لا يَمحِيها زلزالٌ مِن بَحرٍ،
ولا يُخفيها انفجارٌ في مَرفأ،
ولا تَرضَخُ لِصواريخِ الحِقدِ ونيرانِ الحَسَد،
بَيروت حَاضِنةُ المَظلومين وَالمَقهورين،
بَيروت الشِعِر والشُعَراء،
بَيروت ستّ الدُنيا وَعَروس المَنابِر،
فَليَعلَمُ العَالَم إن دُمِّرَت نبنيها أجمَل،
وإن أُحرِقت نَزيدُها خَضاراً
وإِن أُخمِدَ صَوتُها نَكونُ نحنُ صَوتَها الصَارِخ في بِقاعِ الأرض.
وَكَما لِبَيروت كُونوا لِكُل لُبنان.
كونوا لِجَنوبِ لُبنان كأتباعِ عِيسى الذي بَارَكت قَدَميهِ أَرضَ قانا، فَجَعَلَت جَنوبَنا أَرضَ قَدَاسَةٍ وإيمَان،
أَرضاً تُبعَثُ بَعدَ كُلِّ جَريمةِ إِبادةٍ بِحّقِّ أَهلِنا، فَيعودُ الجنوبُ لِيَسقي أَبناءَه عِشقاً لِأرضِهم، عِشقاً لا يَنضَب، كَالنَبيذِ في عِرسِ قانا الجَليل في زَمَنِ السيّدِ المَسيح.
كُونوا أَتبَاعَ السِلمِ في دين مُحمَّد عليه السلام، وبَشِّروا بالسلام في الإسلامِ، وَهو دِينُ السَلام.
كُونوا دُعاةَ "الخَلقُ كُلُّهم عِيال الله، أَقرَبَهم إِليهِ، أَنفَعَهم لِعِيالِه"؛
كُونوا مسيحيي المَحبّة في إسلامِكم،
وَمُسلِمي السَلام في مَسيحيَّتِكم،
اجعَلوا مِن أدِيانِكُم وَسيلةً تَجمَعُكم في اختِلافاتِكُم.
فَالأديانُ وُجِدَت لِتَمجيدِ الرَّبّ، إلهَ الرَحمَةِ و المَحبّة والتَسامُح.
مِن هُنا أَدعوكم لِتَكونوا وَتَبقوا دوماً حُماةً لِوطَنِكم، تَصونوهُ بِعلمِكم وَمعرِفتكم، وَتُقاوموا أمواجَ الجَهلِ مَهما كانت عَاتيةً، فَغَضبُ الجَهلِ والجَهالة كَغمامةِ الصَيفِ وأَمطارِ آب، قصيرةُ البَقاء، سَريعةُ الزوال، ولَكِن تَبقى في الأذهَانِ لِنتَذَّكرها وَنَحذَر من أَذاها.
كونوا لوطنِكُم قضاةً في الدفاعِ عن حقِّهِ بِوَجهِ الغَاصِبين، وجُنوداً لِحمايةِ شَعبهِ وأَرضهِ، وأَطباءً لِبلسمةِ جِراحهِ، وعُلماءً تحمونَهُ من جَهلَين: جهلٌ يحيطُ به من خارجِ حدودهِ، وجهلٌ مستشرٍ في أروقةِ الداخلِ، فَكِلاهُما مؤذٍ ومدمِّر.
اجهدوا كي لا يَقتَصِرَ حُلُمُكم على وَطنٍ فَحَسب، إنَّما إِجعلوا العالَم كُلَّهُ يُشبِهُ أحلامَكُم.
عَالَمٌ لا تَفجَّر فيهِ الكنائس بِمؤمِنيها،
عَالَمٌ لا تُدَّمر فيهِ الجَوامِع على رؤوسِ المُصَّلين،
عَالَمٌ لا تُحرَقُ فيهِ أَجسادَ الأَطفالِ لِتُضاءَ بِها آبارُ النَفطِ
وحُقول الغاز.
عالمٌ لا تُهدَمُ فيهِ المَدارِسُ على رؤوسِ تَلامِذَتِها،
عالمٌ فيه حُرمةٌ لِجَريحٍ، وَشَهيدٍ، ومَريضٍ وَصَاحِب إِعاقَة.
في زمنِ الصِعابِ هذا لا يُمكِنُ لأحدٍ أن يبشِّرَكُم برَخاءِ العَيشِ، وصَفاءِ البَال، ولكن لِيَبقى إيمانُكم صلباً. ايمانكم بِإلهِ التَسامُحِ والعَدالة.
إيمانُكُم بِجَعلِ المعرفةِ والعلمِ ترياقاً لِمُحاربةِ الجَهلِ والتَطرُّفِ والإِجرام.
إيمانُكُم بمكارِمِ الأخلاقِ ومبادئِ الإنسانية.
في زمنٍ تلاشَت فِيهِ مَكارِمُ الأخلاقِ وانتفَت مَعَهُ مبادئ الإِنسانيّة.
اِحلَموا بهذا العَالم، واَعمَلوا بِجُهدٍ لِيُصبِحَ حَقيقةً تهدونَها لِأولادِكم ولِأولادِهم من بَعدِهِم.
أَخيراً، وكَما في كلِّ سنةٍ، أَدعو لَكم بِراحةِ البَال وطُمأَنينةِ النَفس لأنّها أَثمَن ما يُوجَد،
كما أَدعو عَليكم بِالعمَلِ الدؤوب لِتَصِلوا إلى نجاحٍ تَستَحقونه بِجدارَتِكم ولَا تأخُذوه إرثاً سَهلاً لِرَغَدِ العَيش.
أَتمنّى لَكم أن تُصابوا بِما أُصِبنا.
أن تُصابوا بِداءِ مَحَبَّةِ وَطَنِكم، وتُعانوا من مَرَضِ عَدمِ نسيانِه، مَرَضاً أَرجو أن يكونَ مُزمناً، لا شَفاءَ مِنهُ.
مبروكٌ لَكم تَخرُّجِكم،
وَهنيئاً لأهلِكم بِما أنجزتم،
واذهَبوا إلى رِحابِ الدُنيا مُتسلِّحين بِعلمِ جَامِعَتكم، وتَربيةِ من رَبّاكم، وَمحبَّةِ من تُحبّون.
عُشتم عُظماءً لِبلادِكُم،
عَاشَت جَامعةُ البَلمند، مِنبراً لِكلِمةِ الحقِّ وَصوتِ العَدالة،
وَ عَاشَ لُبنان، وَطناً سَرمديّاً، لا يُقَسَّم أَرضَاً، ولا يَنقَسِمُ شَعباً.
Introducing His Excellency
Mr. Miguel Ángel Moratinos Cuyaubé
Ladies and Gentlemen, esteemed faculty, graduates, and distinguished guests,
It is with great honor that I welcome to the stage our keynote speaker for this year’s commencement: His Excellency Miguel Ángel Moratinos Cuyaubé.
A statesman of global stature, Mr. Moratinos has devoted his life to diplomacy, peacebuilding, and international cooperation. His distinguished career began in Spain’s diplomatic service in 1977 and has since spanned continents and causes.
In 1992, he played a pivotal role in organizing the historic Middle East Peace Conference in Madrid, laying the groundwork for the EU’s engagement in the region. From 1996 to 2003, he served as the European Union’s Special Representative for the Middle East Peace Process, tirelessly promoting dialogue and reconciliation.
After these intense diplomatic achievements, Mr. Moratinos was elected as parliamentarian representing the constituency of Cordoba.
As Spain’s Minister of Foreign Affairs and Cooperation from 2004 to 2010, he presided over the UN Security Council and chaired the OSCE, the Council of Europe, and the Council of the European Union. His tenure was marked by visionary leadership in launching the United Nations Alliance of Civilizations and championing multilateralism, development, and human rights.
Following his ministerial service, he advanced global food security as a candidate for Director-General of the United Nations Food and Agriculture Organization (FAO), and later joined the Global Dry Land Alliance in Qatar to promote sustainable solutions for arid regions.
In parallel with his diplomatic engagements, he has shared his expertise with future leaders as a professor at Sciences Po Paris, where he teaches the theory and practice of diplomacy—grounded in decades of experience and a deep ethical commitment to peace.
Today, as the High Representative for the United Nations Alliance of Civilizations, he continues to be a beacon of intercultural dialogue and coexistence. His presence here today is a testament to the values we uphold at the University of Balamand: unity, wisdom, and service to humanity.
Please join me in extending a heartfelt welcome to a true friend of Lebanon, a champion of peace, and an inspiration to our graduates, His Excellency Mr. Miguel Ángel Moratinos Cuyaubé.